“تأمّلات في قول اللّه تعالى: “فلا أقسم بمواقع النُّجوم وإنّه لَقسم لو تعلمون عظيم”

يقول اللّه عزّ وجلّ في سورة الواقعة: “فلا أقسم بمواقع النُّجوم وإنَّه لَقسم لو تعلمون عظيم”، فلماذا القَسَم بمواقع النّجوم وليس بالنّجوم ذاتها؟ هذا القسم القرآنيّ المغلّظ جاء بمواقع النّجوم وليس بالنّجوم ذاتها، علمًا بأنّ النّجوم من أعظم صور إبداع اللّه في الكون، وفي هذا القَسَم نلاحظ أنَّ (الفاء) حرف عطف‏،‏ يُعطف بها فتدل على التّرتيب والتّعقيب مع الاشتراك‏،‏ أو يكون ما قبلها علّة لما بعدها‏،‏ وتجري على العطف والتّعقيب دون الاشتراك‏،‏ وقد تكون للابتداء‏، ويكون ما بعدها حينئذ كلامًا مستأنفًا،‏ وأغلب الظنَّ أنّها هنا للابتداء‏.

ومواقع النّجوم هي الأماكن التي تمر بها في جريها عبر السّماء وهي محتفظة بعلاقاتها المحدّدة بغيرها من الأجرام في المجرّة الواحدة‏، وبسرعات جريها ودورانها‏،‏ وبالأبعاد الفاصلة بينها‏،‏ وبقوى الجاذبية الرّابطة بينها‏،‏ واللّفظة: مواقع جمع موقع يُقال‏:‏ وقع الشّيء موقعه‏،‏ من الوقوع بمعنى السّقوط،‏ والمسافات بين النّجوم مذهلة للغاية لضخامة أبعادها‏، وحركات النّجوم عديدة وخاطفة‏،‏ وكلّ ذلك منوط بالجاذبية‏،‏ وهي قوّة لا تُرى‏، تحكم الكتل الهائلة للنّجوم‏،‏ والمسافات الشّاسعة التي تفصل بينها‏،‏ والحركات المتعدّدة التي تتحرّكها من دوران حول محاورها وجري في مداراتها المتعدّدة.

وهذا القَسم القرآنيّ العظيم بمواقع النّجوم يشير إلى سبق القرآن الكريم بالإشارة إلى إحدى حقائق الكون المبهرة‏، والتي مؤدّاها أنّه نظرًا للأبعاد الشّاسعة التي تفصل نجوم السّماء عن أرضنا‏،‏ فإنّ الإنسان على هذه الأرض لا يَرى النّجوم أبدًا،‏ ولكنّه يرى مواقع مرّت بها النّجوم ثمّ غادرتها‏، وفوق ذلك إنّ هذه المواقع كلّها نسبيّة‏،‏ وليست مطلقة‏؛ ‏لأنّ الضّوء كأيّ صورة من صور المادّة والطّاقة لا يستطيع أن يتحرّك في صفحة السّماء إلّا في خطوط منحنية، وعين الإنسان لا ترى إلّا في خطوط مستقيمة، وعلى ذلك فإنّ النّاظر إلى النّجم من فوق سطح الأرض يراه على استقامة آخر نقطة انحنى ضوؤه إليها، فيرى موقعاً وهميًّا للنّجم غير الموقع الذي انبثق منه ضوؤه، فنظراً لانحناء الضّوء في صفحة السّماء فإنّ النّجوم تبدو لنا في مواقع ظاهريّة غير مواقعها الحقيقية، ليس هذا فقط  بل إنّ الدّراسات الفلكيّة الحديثة قد أثبتت أنّ نجوماً قديمة قد خبت أو تلاشت منذ أزمنة بعيدة‏،‏ والضّوء الذي انبثق منها في عدد من المواقع التي مرّت بها لا يزال يتلألأ في ظلمة السّماء في كلّ ليلة من ليالي الأرض إلى اليوم الحالي.

‏ ومن هنا كان هذا القسم القرآنيّ بمواقع النّجوم، وليس بالنّجوم ذاتها على عظم قدر النّجوم التي كشف العلم عنها أنّها أفران كونيّة عجيبة يخلق اللّه‏‏ تعالى‏ لنا فيها كلّ صور المادّة والطّاقة التي ينبني منها هذا الكون المدرك، فتبارك اللّه أحسن الخالقين.

 

Read more

Testimonial Divider_converted

“تأمّلات في قول اللّه تعالى: “فلا أقسم بمواقع النُّجوم وإنّه لَقسم لو تعلمون عظيم”

يقول اللّه عزّ وجلّ في سورة الواقعة: “فلا أقسم بمواقع النُّجوم وإنَّه لَقسم لو تعلمون عظيم”، فلماذا القَسَم بمواقع النّجوم وليس بالنّجوم ذاتها؟ هذا القسم القرآنيّ المغلّظ جاء بمواقع النّجوم وليس بالنّجوم ذاتها، علمًا بأنّ النّجوم من أعظم صور إبداع اللّه في الكون، وفي هذا القَسَم نلاحظ أنَّ (الفاء) حرف عطف‏،‏ يُعطف بها فتدل على التّرتيب والتّعقيب مع الاشتراك‏،‏ أو يكون ما قبلها علّة لما بعدها‏،‏ وتجري على العطف والتّعقيب دون الاشتراك‏،‏ وقد تكون للابتداء‏، ويكون ما بعدها حينئذ كلامًا مستأنفًا،‏ وأغلب الظنَّ أنّها هنا للابتداء‏.

ومواقع النّجوم هي الأماكن التي تمر بها في جريها عبر السّماء وهي محتفظة بعلاقاتها المحدّدة بغيرها من الأجرام في المجرّة الواحدة‏، وبسرعات جريها ودورانها‏،‏ وبالأبعاد الفاصلة بينها‏،‏ وبقوى الجاذبية الرّابطة بينها‏،‏ واللّفظة: مواقع جمع موقع يُقال‏:‏ وقع الشّيء موقعه‏،‏ من الوقوع بمعنى السّقوط،‏ والمسافات بين النّجوم مذهلة للغاية لضخامة أبعادها‏، وحركات النّجوم عديدة وخاطفة‏،‏ وكلّ ذلك منوط بالجاذبية‏،‏ وهي قوّة لا تُرى‏، تحكم الكتل الهائلة للنّجوم‏،‏ والمسافات الشّاسعة التي تفصل بينها‏،‏ والحركات المتعدّدة التي تتحرّكها من دوران حول محاورها وجري في مداراتها المتعدّدة.

وهذا القَسم القرآنيّ العظيم بمواقع النّجوم يشير إلى سبق القرآن الكريم بالإشارة إلى إحدى حقائق الكون المبهرة‏، والتي مؤدّاها أنّه نظرًا للأبعاد الشّاسعة التي تفصل نجوم السّماء عن أرضنا‏،‏ فإنّ الإنسان على هذه الأرض لا يَرى النّجوم أبدًا،‏ ولكنّه يرى مواقع مرّت بها النّجوم ثمّ غادرتها‏، وفوق ذلك إنّ هذه المواقع كلّها نسبيّة‏،‏ وليست مطلقة‏؛ ‏لأنّ الضّوء كأيّ صورة من صور المادّة والطّاقة لا يستطيع أن يتحرّك في صفحة السّماء إلّا في خطوط منحنية، وعين الإنسان لا ترى إلّا في خطوط مستقيمة، وعلى ذلك فإنّ النّاظر إلى النّجم من فوق سطح الأرض يراه على استقامة آخر نقطة انحنى ضوؤه إليها، فيرى موقعاً وهميًّا للنّجم غير الموقع الذي انبثق منه ضوؤه، فنظراً لانحناء الضّوء في صفحة السّماء فإنّ النّجوم تبدو لنا في مواقع ظاهريّة غير مواقعها الحقيقية، ليس هذا فقط  بل إنّ الدّراسات الفلكيّة الحديثة قد أثبتت أنّ نجوماً قديمة قد خبت أو تلاشت منذ أزمنة بعيدة‏،‏ والضّوء الذي انبثق منها في عدد من المواقع التي مرّت بها لا يزال يتلألأ في ظلمة السّماء في كلّ ليلة من ليالي الأرض إلى اليوم الحالي.

‏ ومن هنا كان هذا القسم القرآنيّ بمواقع النّجوم، وليس بالنّجوم ذاتها على عظم قدر النّجوم التي كشف العلم عنها أنّها أفران كونيّة عجيبة يخلق اللّه‏‏ تعالى‏ لنا فيها كلّ صور المادّة والطّاقة التي ينبني منها هذا الكون المدرك، فتبارك اللّه أحسن الخالقين.