“إنَّ قومي اتَّخذوا هذا القرآن مهجوراً”

في هذه الآية أعظم تخويف لمن هجر القرآن العظيم، ولم يعمل بما فيه من الحلال والحرام، والآداب والمكارم، ولم يعتقد بما فيه من العقائد والأحكام، ولم يعتبر بما فيه من الزّواجر والقصص والأمثال، وقد ترتّب على هجر المسلمين للقرآن تبعات عديدة ونتائج خطيرة، على المستويات كافّة:

فعلى مستوى الأفراد، أصبح سلوك كثير من المسلمين لا يمتّ إلى أخلاق القرآن بصلة، بدءاً بترك تحيّة الإسلام إفشاءً وردّاً، ومروراً بالتّحاسد والتّنابذ بالألقاب والسّخرية من بعضهم البعض، وانتهاءً بالتّعامل بأنواع الحرام، من رباً ، وأكل لأموال النّاس بالباطل، ونحو ذلك من المحرّمات التي نهى اللّه عنها في كتابه الكريم.

وكان من تبعات هجر القرآن على مستوى الأفراد أيضاً، هجر لغة القرآن والزّهد فيها، والرّغبة عنها، والأخذ بلغة أولئك القوم؛ لأنّها لغة العصر والمعاصرة، وسبيل التّطوّر، ومظهر من مظاهر الرّقي والحضارة!! فأنت ترى أحدهم يتفاخر ويتباهى بأنّه يتقن لغة الأعاجم، ولم يعد يعتمد العربيّة في كلامه، بل ربّما يخجل أن يتكلّم بها؛ لأنّها – بحسب زعمه – لغة ميتة لا حياة فيها، ولأنّها لا تناسب تطوّرات العصر ونهضته!

وكان من تبعات هجر القرآن على مستوى المؤسّسات التّعليميّة، ما تقوم به المؤسّسات التّعليميّة اليوم في بعض دولنا الإسلاميّة من إعادة النّظر في المناهج الشرعيّة، ومن ثمّ صياغتها وتعديلها وفق المقياس الغربيّ.

أمّا على المستوى الاجتماعيّ والأسريّ، فحدّث ولا حرج، حيث أخذت الدّعوات من هنا وهناك تنطلق بأعلى صوتها، مطالبة بتحرير المرأة وفكّ أسرها، وداعية بما أوتيت من قوّة وزخم ودعم إلى استرداد حقوق المرأة التي اغتصبها منها الرّجل والمجتمع في آن واحد ! فكان من تبعات هجر القرآن على هذا المستوى، خروج المرأة من بيتها تزاحم الرّجل، وتقاسمه مجالات العمل، بعد أن تركت عملها الأساس؛ وما تبع ذلك من اختلاط في مرافق الحياة كافّة، بدءاً بالأُسر المسلمة، ومرورًا بالشّوارع والنّوادي الرّياضيّة، وانتهاءً بالجامعات ومراكز العلم، وكلّ هذا جرى بدعاوى التّحرر والتّقدّم.

لقد نزل هذا القرآن ليكون منهج حياة، ودستور أمّة، ونموذجاً واقعيّاً للتّطبيق العمليّ، تنمو الحياة في ظلّه وتترقّى، لا ليقبع في الزّاوية الضّيّقة من الحياة، كما تقبع الأبحاث النّظريّة في زوايا الجامعات ومراكز الأبحاث.

نزل ليميّز الأمّة المستخلَفة في الأرض، الشّاهدة على النّاس، المكلّفة بأن تقود البشريّة كلّها إلى خالقها وبارئها.

أمّا اليوم فقد هجر المسلمون هذا القرآن، واتّخذوه كتاب متعة للثّقافة، وكتاب تعبّد للتّلاوة فحسب، لا منهج تربية وسلوك، ودستور حياة للعمل والتّطبيق؛ فالقرآن إنّما نزل للعمل أوّلاً، ولتحكيمه في شؤون الحياة كافّة، فهذا هو المقصد الأساس من نزوله، وهذا هو المبتغى من تكفُّل اللّه بحفظه، وترك العمل بالقرآن والإعراض عنه نوع من أنواع هجره، بل هو أعظم أنواع الهجر، الذي حذّرنا اللّه منه وذمّ فاعله .

 

إقرأ ايضاً

Testimonial Divider_converted

“إنَّ قومي اتَّخذوا هذا القرآن مهجوراً”

في هذه الآية أعظم تخويف لمن هجر القرآن العظيم، ولم يعمل بما فيه من الحلال والحرام، والآداب والمكارم، ولم يعتقد بما فيه من العقائد والأحكام، ولم يعتبر بما فيه من الزّواجر والقصص والأمثال، وقد ترتّب على هجر المسلمين للقرآن تبعات عديدة ونتائج خطيرة، على المستويات كافّة:

فعلى مستوى الأفراد، أصبح سلوك كثير من المسلمين لا يمتّ إلى أخلاق القرآن بصلة، بدءاً بترك تحيّة الإسلام إفشاءً وردّاً، ومروراً بالتّحاسد والتّنابذ بالألقاب والسّخرية من بعضهم البعض، وانتهاءً بالتّعامل بأنواع الحرام، من رباً ، وأكل لأموال النّاس بالباطل، ونحو ذلك من المحرّمات التي نهى اللّه عنها في كتابه الكريم.

وكان من تبعات هجر القرآن على مستوى الأفراد أيضاً، هجر لغة القرآن والزّهد فيها، والرّغبة عنها، والأخذ بلغة أولئك القوم؛ لأنّها لغة العصر والمعاصرة، وسبيل التّطوّر، ومظهر من مظاهر الرّقي والحضارة!! فأنت ترى أحدهم يتفاخر ويتباهى بأنّه يتقن لغة الأعاجم، ولم يعد يعتمد العربيّة في كلامه، بل ربّما يخجل أن يتكلّم بها؛ لأنّها – بحسب زعمه – لغة ميتة لا حياة فيها، ولأنّها لا تناسب تطوّرات العصر ونهضته!

وكان من تبعات هجر القرآن على مستوى المؤسّسات التّعليميّة، ما تقوم به المؤسّسات التّعليميّة اليوم في بعض دولنا الإسلاميّة من إعادة النّظر في المناهج الشرعيّة، ومن ثمّ صياغتها وتعديلها وفق المقياس الغربيّ.

أمّا على المستوى الاجتماعيّ والأسريّ، فحدّث ولا حرج، حيث أخذت الدّعوات من هنا وهناك تنطلق بأعلى صوتها، مطالبة بتحرير المرأة وفكّ أسرها، وداعية بما أوتيت من قوّة وزخم ودعم إلى استرداد حقوق المرأة التي اغتصبها منها الرّجل والمجتمع في آن واحد ! فكان من تبعات هجر القرآن على هذا المستوى، خروج المرأة من بيتها تزاحم الرّجل، وتقاسمه مجالات العمل، بعد أن تركت عملها الأساس؛ وما تبع ذلك من اختلاط في مرافق الحياة كافّة، بدءاً بالأُسر المسلمة، ومرورًا بالشّوارع والنّوادي الرّياضيّة، وانتهاءً بالجامعات ومراكز العلم، وكلّ هذا جرى بدعاوى التّحرر والتّقدّم.

لقد نزل هذا القرآن ليكون منهج حياة، ودستور أمّة، ونموذجاً واقعيّاً للتّطبيق العمليّ، تنمو الحياة في ظلّه وتترقّى، لا ليقبع في الزّاوية الضّيّقة من الحياة، كما تقبع الأبحاث النّظريّة في زوايا الجامعات ومراكز الأبحاث.

نزل ليميّز الأمّة المستخلَفة في الأرض، الشّاهدة على النّاس، المكلّفة بأن تقود البشريّة كلّها إلى خالقها وبارئها.

أمّا اليوم فقد هجر المسلمون هذا القرآن، واتّخذوه كتاب متعة للثّقافة، وكتاب تعبّد للتّلاوة فحسب، لا منهج تربية وسلوك، ودستور حياة للعمل والتّطبيق؛ فالقرآن إنّما نزل للعمل أوّلاً، ولتحكيمه في شؤون الحياة كافّة، فهذا هو المقصد الأساس من نزوله، وهذا هو المبتغى من تكفُّل اللّه بحفظه، وترك العمل بالقرآن والإعراض عنه نوع من أنواع هجره، بل هو أعظم أنواع الهجر، الذي حذّرنا اللّه منه وذمّ فاعله .