الأيّام الغاليات
إنّ كلَّ لحظةِ قُرْبٍ يعيشُها المرء مع الله تعالى هي لحظة غالية في حياةٍ انشغل فيها كثير من النّاس بالمادّيّات والشهوات، والتفتوا بذلك عن القُرب الخالِص من ربّ الأرض والسماوات.
وإنّ العبد المسلم الذي يعلم أنّ وجوده في هذه الحياة موقوت وعمّا قليل زائل، هو عبدٌ اصطفاه الله تعالى لاغتنام أيّام عمره ولياليه.
ومن أغلى هذه المواسم الإيمانيّة وأرفعها قدرا أيّام العشرِ الأوائل ولياليها من شهر الله المحرَّم ذي الحجة.
وقد صدَّرَ الله تعالى سورة الفجر بأنْ أقسم بهذه الليالي المباركات، وذلك في الآية الكريمة: }وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ{، والصحيح الذي عليه جمهور المفسّرين من السلف وغيرهم في المقصود بهذه الليالي أنّها الليالي العشر الأوائل من ذي الحجّة -كما نقل ذلك الحافظ ابن رجب-.
وفي هذه الأيّام يوم عرفة، وهو التّاسع من ذي الحجّة، وهو داخلٌ في جملة ما أقسم الله تعالى به في سورة الفجر، حينما قال: }وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ{، ففي الأزمنة التي يشملها القسم: يوم عرفة وهو الوتْر، ويوم النّحر وهو الشَّفْع، وهو قول أكثر المفسّرين -كما نقل ذلك العلّامة ابن القيم-.
وصحّ أنّ الآيةَ الكريمة: }الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا{ قدْ نزلتْ ورسول الله صلى الله عليه وسلّم على عرفة.
وقد حثّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم صحابَته على اغتنام هذه الأيّام العشر المباركات واستثمارها، وبشّرهم بقوله: "ما من أيّام العمل الصالح فيها أحبّ إلى الله من هذه الأيام"، فاستشكل على الصحابة ما رسخ في أذهانهم بأنّ أفضل الأعمال: "الجهاد في سبيل".
فقالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟، أي: أنّ العمل الصالح في هذه الأيام أرفع درجة ممّا رسخ في أذهاننا من أنّ الجهاد أفضلُ الأعمال؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلّا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء". أخرجه البخاري
وهذا يفيد أنّ العمل الوحيد الذي يفضُل على العمل بهذه الأيام المباركات هو جهادُ مَن لا يرجع من نفسه وماله بشيء.
ولهذا قال الحافظ ابن رجب: "وهذا يدلّ على أنّ العمل المفضول في الوقت الفاضل يلتحقُ بالعمل الفاضل في غيره، ويزيد عليه لمضاعفةِ ثوابه وأجره".
والعمل إذا كان أحبّ إلى الله فهو الأفضل عنده جلّ في عُلاه.
فالمسارعة المسارعة أيها الأخوة والأخوات الكرام لاستثمار هذه الأيام، والإخلاص لله تعالى فيها بتقديم الأعمال الصالحة، واستحضار قول الله تعالى على الدّوام: }وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا{.
والعبد المُوفَّقُ هو مَن يسعى لتحصيل هذا الأجر العظيم، في أيّامٍ معدوداتٍ سريعا ما تنقضي،
يذهب تعبُ العاملِ فيها ويبقى في صحيفته أجرُها، ويفنى العاملُ بعدها ويُدَّخر له في الآخرة نعيمُها!.
مسعود محروس كوني- فلسطين
لقي نبي الله يوسف أربع محن الحسد ، والاسترقاق ، والنساء ، والسجن ، وكان صابرًا داعيًا إلى الله ، لم يقنط من رحمته ، ليجزيه بذلك الله مُلكًا بعد ضعفًا. ما إن يتدبر أحدنا سورة يوسف حتى تُعلِّمُه الصبر؛ لأنه يَتيقن أنه ما بعد الصبر إلا الفرج.
الرسالة هي: تفقد الرعية، وهدهد صادق مخلص غيور، وقائد غير متعجل، ثم نتيجة مثمرة.
إذا أردنا العودة لما كنّا عليه من عزة وقوة فليس لنا إلّا العودة لقرآننا ليكون حَكَماً في كلّ ما يتعلق بحياتنا مهما صغر أو عظم هذا الأمر سواء كان لنا أو علينا
لقد نزل هذا القرآن ليكون منهج حياة، ودستور أمة، ونموذجاً واقعياً للتطبيق العملي، تنمو الحياة في ظله وتترقى، لا ليقبع في الزاوية الضيقة من الحياة
علّم الله آدم الأسماء ولماذا الأسماء؟ لأن تسمية أفعال الناس الطيّبة باسمها هو من يعطيها قيمة الصواب وتسمية الباطل باسمه هو من يضعه في ميزانه الصحيح فلا مواربة في الحق! فالأسماء أصل الأمر كله ومناط التكليف.
السفينة سفينة التوحيد، والقائد الموحِّد، والموحِّدون، والمشركون الهالكون، والسفينة تتحرك بالتوحيد وتقف بالتوحيد وينجو الناجي بالتوحيد ولا هلاك إلّا بالشرك المشرعن والمقنن
الإنسان لا يقدر على معرفة نفسه إلّا إذا عرف ربه، وعندما جهل منهج ربه وحاد عنه جهل طريق السعادة وحقيقتها .
وسام الرجولة أتى على مراتب بحسب العمل الذي يُقَدّم في الدعوة إلى الله عزّ وجلّ.
ومن هنا كان هذا القسم القرآني بمواقع النجوم، وليس بالنجوم ذاتها على عظم قدر النجوم التي كشف العلم عنها أنها أفران كونية عجيبة يخلق الله تعالى لنا فيها كل صور المادة والطاقة التي ينبني منها هذا الكون المدرك، فتبارك الله أحسن الخالقين.